ناشطات السليمانية يرفضن "تعديل الأحوال": سيفاقم العنف الأسري ويزيد الزواج المبكر (صور)
شفق نيوز/ تزايد حدة الجدل حول تعديل قانون الأحوال المدنية في العراق، بعد مطالبة الإطار التنسيقي بتعديل القانون، دفع بناشطات من السليمانية الى رفض التعديل لما له من تأثير على واقع الأسرة خصوصا تلك التي تقطن في المناطق المتنازع عليها.
في وقت عقدت منظمات مدنية جلسة لمناقشة تعديل القانون، بمشاركة عدد من أعضاء مجلس النواب وناشطات ومنظمات مهتمة بشؤون المرأة من المحافظة.
وتقول تانيا كمال، الإعلامية الناشطة في حقوق المرأة لوكالة شفق نيوز، إن "قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959 يعد من القوانين المتقدمة التي تحفظ حقوق النساء في العراق، وأكدت أن التعديلات المقترحة تشكل انتهاكاً لهذه الحقوق، وتعرّض النساء والأطفال لمزيد من العنف والانقسام".
وبينت أن "الجهة التي قدمت التعديلات لم تتشاور مع الجهات ذات الصلة لتقديم مقترحات بديلة تحمي حقوق النساء والأطفال".
وأضافت، "نحن نعارض هذه التعديلات بشدة لأنها تنطوي على انتهاكات أكبر من الفوائد، مشيرة إلى أن "التعديلات جاءت في ظل النزاعات السياسية والطائفية والتحضيرات للانتخابات، حيث تسعى بعض الأطراف لتعزيز دعمها من خلال الترويج لمثل هذه القوانين المثيرة للجدل".
ودعت تانيا النساء ومنظمات المجتمع المدني إلى "زيادة الضغط لمنع تمرير هذه التعديلات والعمل على رفضها بشكل قاطع، مؤكدة أن "هذه التعديلات تهدد بتفاقم العنف الأسري وزيادة حالات الزواج المبكر، مما يؤثر سلباً على بنية الأسرة والمجتمع ككل".
بنود القانون
وينص التعديل على القانون في إحدى فقراته على إنه يحق للعراقي والعراقية عند إبرام عقد الزواج وأن يختار المذهب الشيعي أو السني الذي تطبق عليه أحكامه في جميع مسائل الأحوال الشخصية، ويجوز لمن لم يسبق له اختيار تطبيق أحكام مذهب معين عند إبرام عقد الزواج، تقديم طلب إلى محكمة الأحوال الشخصية المختصة لتطبيق أحكام الشرع على الأحوال الشخصية، وفق المذهب الذي يختاره ويجب على المحكمة الاستجابة لطلبهم.
كما ينص أيضاً على أنه تعتمد مدونة الأحكام الشرعية في تنظيم أحكام مسائل الأحوال الشخصية للفقه الشيعي الجعفري، ومدونة أخرى تنظم أحكام مسائل الأحوال الشخصية طبقا للفقه السني، حيث تعد في وضعها على آراء المشهور عند فقهاء كل مذهب في العراق.
وتوضح الناشطة انتصار صالح في حديثها لمراسل وكالة شفق نيوز أن "التعديل يعني سن الزواج في تسع سنوات (زواج الأطفال) وحرمان النساء من الإرث في العقارات، والنفقة بشرط الاستمتاع، إذ أن الزوجة التي لا تمكن الزوج من الاستمتاع بها لا نفقة لها وهذا القانون هو رصاصة الرحمة في جسد المجتمع العراقي".
واضافت ان "التعديل سيقسم العراق أكثر، وسيولد انفلاتاً كبيراً في القانون وستتحول قضايا الأحوال الشخصية إلى خارج المحاكم الرسمية".
تفكك الأسرة
ولفتت صالح الى ان "الغاية من التعديل هو تفكيك الأسرة العراقية والسماح للعقود خارج الأطر القانونية بأن تكون أوسع وإعطاء الشرعية الواضحة لزواج القاصرات، وبالتالي دعم زيادة حالات الطلاق وتعميق النفس الطائفي بين أفراد المجتمع".
من جانبها، أكدت الناشطة ليلى طه أن قانون الأحوال الشخصية في العراق لعام 1959 يعد من أروع القوانين في منطقة الشرق الأوسط، وقد حدد السن القانوني للزواج بـ 18 سنة لكلا الجنسين.
واضافت أن "العراق ذو ثقافة مدنية، وأي تشريع يعاكس الجانب المدني ستكون له نتائج معاكسة، مشيرة إلى أن "التعديل على القانون يمكن أن يجري بما يتماشى مع التغيرات الاجتماعية والثقافية في المجتمع، وأن يكون قادراً على التحرك وفق متطلبات المرحلة الحالية بما يتناسب مع فائدة المجتمع".
وفي الأثناء عقدت منظمات المجتمع المدني في السليمانية جلسة لمناقشة تعديل القانون بحضور عدد من أعضاء مجلس النواب وناشطات ومنظمات مهتمة بشأن المرأة.
وقالت خانم رحيم رئيسة منظمة "اسوده" لوكالة شفق نيوز، إن "الهدف من هذه الجلسة هو مناقشة تأثيرات تعديل القانون على واقع الأسر الكوردية التي تسكن خارج حدود الإقليم وتحديدا في المناطق المتنازع عليها وما سيكون لها من تأثير سلبي على حياة تلك الأسر إذا ما تم تعديل القانون وفقا لما هو مطروح حاليا"وترى قوى سياسية مدنية ومنظمات حقوقية في التعديل المقترح على القانون، تكريساً للطائفية وتعزيزاً لنفوذ رجال الدين وأحزاب السلطة.
وسبق أن دعا المرصد العراقي لحقوق الإنسان مجلس النواب العراقي إلى إعادة النظر في هذه التعديلات المقترحة لضمان حماية حقوق جميع المواطنين العراقيين بغض النظر عن مذاهبهم أو معتقداتهم، وتعزيز المساواة والعدالة في المجتمع العراقي مؤكداً ضرورة الالتزام بالدستور العراقي والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان لضمان تطبيق قانون الأحوال الشخصية بشكل عادل ومنصف.
وكان مجلس النواب انهى في جلسته الخامسة من فصله التشريعي الثاني السنة التشريعية الثالثة للدورة الانتخابية الخامسة، اليوم الأحد برئاسة رئيس المجلس بالنيابة محسن المندلاوي وحضور 177 نائباً، قراءة أربعة قوانين بضمنها تعديل قانوني الأحوال الشخصية والعفو العام.
وبحسب بيان للدائرة الإعلامية لمجلس النواب، فقد أتم مجلس النواب القراءة الأولى لمقترح قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 بعد التصويت على إضافته الى جدول أعمال الجلسة، "والذي جاء انسجاماً مع ما أقرته المادة (2) من الدستور بأنه لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام وما أقرته المادة (41) من ضمان حرية الأفراد في الالتزام بأحوالهم الشخصية وحسب مذاهبهم، أو اختيارهم تطبيق أحكام قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المعدل، وبالشكل الذي يحافظ على وحدة الجهاز القضائي لتطبيق أحكام القانون والأحكام الشرعية للأحوال الشخصية"، بحسب البيان.